
الذهب ملاذ العرب في أوقات الأزمات , في أوقات عدم اليقين الاقتصادي والاضطرابات العالمية، أثبت الذهب باستمرار أنه ملاذ آمن للمستثمرين في جميع أنحاء العالم. بالنسبة للمنطقة العربية، يتمتع الذهب بأهمية خاصة باعتباره ملجأ في أوقات الأزمات. إن الأهمية التاريخية والثقافية والاقتصادية لهذا المعدن النفيس جعلته أصلاً موثوقًا للعرب الذين يسعون إلى الاستقرار وسط حالة من عدم اليقين.
تاريخياً:
على مر التاريخ، احتل الذهب مكانة مرموقة في الثقافة والتجارة العربية. لقد ارتبط التاريخ الغني للتجارة والتبادل التجاري في المنطقة ارتباطًا وثيقًا بالذهب. لقد تم تناقل جاذبيتها الدائمة عبر الأجيال، وهي لا ترمز إلى الثروة والسلطة فحسب، بل أيضًا إلى شكل من أشكال الأمن. منذ الحضارات القديمة وحتى العصر الذهبي للإمبراطورية الإسلامية، كان الذهب يُعتز به ويتم تجميعه كمخزن للقيمة.
أهمية ثقافية:
إن الذهب متأصل بعمق في النسيج الثقافي للمجتمعات العربية. غالبًا ما يتم إهدائه خلال المناسبات الخاصة، ويتم تبادله في حفلات الزفاف، ويتم ارتداؤه كمجوهرات. وقد تُرجم هذا التقارب الثقافي تجاه الذهب إلى تفضيل استثماري قوي. ينظر العديد من العرب إلى الذهب ليس فقط باعتباره أصلاً مالياً، بل باعتباره تمثيلاً ملموساً للاستقرار والتراث. توفر الطبيعة المادية للمعدن الطمأنينة في عالم الأدوات المالية غير الملموسة.
الضمانة الاقتصادية:
لقد شهد العالم العربي نصيبه من التحديات الاقتصادية، بما في ذلك عدم الاستقرار السياسي، وتقلبات أسعار النفط، والصراعات الإقليمية. وفي مثل هذه الأوقات المضطربة، وفر الذهب وسيلة للحفاظ على الثروة والحماية من انخفاض قيمة العملة. وكثيرا ما يلجأ المستثمرون العرب إلى الذهب كوسيلة للتحوط ضد التضخم والانكماش الاقتصادي، مما يسمح لهم بالتغلب على العواصف المالية بمرونة أكبر.
عدم اليقين الاقتصادي العالمي:
وقد عززت الأزمة المالية العالمية عام 2008 وما تلاها من عدم اليقين الاقتصادي الإيمان بقيمة الذهب كأصل وقائي. يقوم العديد من المستثمرين والحكومات والمؤسسات العربية بتنويع محافظهم الاستثمارية من خلال تضمين حيازات الذهب. مع استمرار التوترات الجيوسياسية والنزاعات التجارية في التأثير على الاقتصاد العالمي، يظل الذهب أحد الأصول المطمئنة التي تميل إلى الارتفاع خلال أوقات الأزمات.
استراتيجية التنويع:
يتم تسليط الضوء بشكل أكبر على دور الذهب كملاذ من خلال قدرته على تنويع المحافظ الاستثمارية. ويميل إلى أن يكون له ارتباط منخفض مع الأصول التقليدية الأخرى، مثل الأسهم والسندات. وهذا يعني أنه عندما تتعثر الأسواق التقليدية، يمكن أن يكون الذهب بمثابة حاجز، مما يساعد على تخفيف الخسائر. يدرك العرب فائدة التنويع هذه ويخصصون بشكل استراتيجي جزءًا من استثماراتهم للذهب.
أدوات الاستثمار:
يقدم العالم العربي سبلاً مختلفة للاستثمار في الذهب. يظل الذهب المادي، بما في ذلك المجوهرات والعملات المعدنية والسبائك، خيارًا شائعًا نظرًا لأهميته الثقافية. بالإضافة إلى ذلك، توفر الأدوات المالية مثل صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب وعقود السلع طرقًا سهلة المنال ومريحة للاستثمار في الذهب دون الحاجة إلى الحيازة المادية.
إن جاذبية الذهب الدائمة للعرب باعتباره ملجأ في أوقات الأزمات متجذرة بعمق في التاريخ والثقافة والاستراتيجية الاقتصادية. وإلى جانب قيمته النقدية، يجسد الذهب شعورا بالأمن والاستقرار والتراث الثقافي. بينما يتنقل العالم العربي في مشهد عالمي دائم التغير، يقف المعدن الثمين كرفيق ثابت، ويوفر ملاذاً لكل من الثروة والتقاليد.
لمحة عن احتياطي الذهب في الوطن العربي:
وتمتلك السعودية أكبر احتياطي من الذهب في المنطقة العربية حتى يونيو 2021، بواقع 323.1 طن من الذهب، تشكل نحو 4.1% من إجمالي الاحتياطيات الأجنبية للمملكة، بحسب بيانات مجلس الذهب العالمي.
وجاء لبنان، الذي يعيش حاليا أزمة اقتصادية عميقة، في المركز الثاني باحتياطي 286.8 طن من المعدن الأصفر، أي ما يعادل 43.3% من إجمالي احتياطياته. وفي الوقت نفسه، احتلت دولة الجزائر شمال إفريقيا المركز الثالث بالمنطقة باحتياطي من الذهب يبلغ 173.6 طن، متقدمة على ليبيا التي تمتلك 116.6 طن.
ويحتل العراق المركز الخامس في احتياطي الذهب بـ96.3 طن، تليها مصر بـ80.6 طن من الذهب. وتأتي دولتا الخليج الكويت وقطر في المركزين السابع والثامن بين أكبر الدول المالكة لاحتياطيات الذهب بواقع 76 طنا و 59.3 طنا على التوالي. وفي الوقت نفسه، احتل الأردن المركز التاسع بـ 56.9 طنا من الذهب، متقدما على الإمارات بـ 55.3 طنا فقط من الذهب، ليدفع الدولة الخليجية إلى المركز العاشر.
وأظهرت البيانات الصادرة عن مجلس الذهب العالمي في وقت سابق من هذا الشهر أحدث إحصائيات احتياطيات الذهب للفترة المنتهية في يونيو، باستثناء لبنان وليبيا والعراق والأردن، حيث استخدم مجلس الذهب العالمي أحدث البيانات المتاحة. ومن الجدير بالذكر أن طن الذهب يساوي حوالي 35 ألف أوقية.