المرأةثقافة

حملة الـ 16 يومًا لمناهضة العنف: نداء للتغيير في الدول العربية

لا يزال العنف ضد المرأة من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا وانتشارًا على مستوى العالم، والدول العربية ليست استثناءً. إن حملة الـ 16 يومًا لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، التي يتم الاحتفال بها سنويًا من 25 نوفمبر (اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة) إلى 10 ديسمبر (يوم حقوق الإنسان)، هي مبادرة عالمية تهدف إلى معالجة واستئصال العنف ضد النساء والفتيات. وفي الدول العربية، تكتسب الحملة أهمية فريدة وعاجلة، حيث تلعب العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية أدوارًا مهمة في إدامة العنف القائم على النوع الاجتماعي. حملة الـ 16 يومًا لمناهضة العنف: نداء للتغيير في الدول العربية

يتناول هذا المقال أهمية هذه الحملة في العالم العربي، ويلقي الضوء على الإحصائيات والتحديات والجهود الجارية لمكافحة العنف ضد المرأة.

انتشار العنف ضد المرأة في الدول العربية:
يعتبر العنف ضد المرأة قضية بالغة الأهمية في العالم العربي، حيث غالبًا ما تعمل الأعراف والتقاليد الثقافية المتجذرة على تطبيع مثل هذه الانتهاكات أو التغاضي عنها. ترسم الإحصائيات التالية صورة قاتمة للوضع:

العنف المنزلي: وفقًا لتقرير صادر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة في عام 2019، فإن حوالي 37٪ من النساء العربيات يتعرضن لبعض أشكال العنف على أيدي شركائهن. ويُعتقد أن هذا الرقم أقل من الواقع بسبب الوصمة والخوف من الانتقام.

زواج الأطفال: في بعض الدول العربية، لا يزال زواج الأطفال منتشرًا، حيث تتزوج واحدة من كل 7 فتيات قبل سن 18 عامًا. وتسجل اليمن والسودان بعضًا من أعلى المعدلات في المنطقة، مما يؤدي إلى إدامة دورات الإساءة وعدم المساواة.

العنف القائم على الشرف: في مناطق معينة، يستمر العنف القائم على الشرف، بما في ذلك ما يسمى “جرائم الشرف”. على سبيل المثال، أبرز تقرير صادر عن الأمم المتحدة في عام 2016 أن مئات النساء في جميع أنحاء المنطقة يُقتلن سنويًا تحت ستار حماية “شرف” الأسرة.

التحرش الجنسي: تشير الدراسات إلى أن 99% من النساء المصريات أبلغن عن تعرضهن للتحرش الجنسي، سواء في الأماكن العامة أو عبر الإنترنت، مما يسلط الضوء على انتشار هذه المشكلة في الأماكن العامة.

مناطق الصراع: في بلدان مثل سوريا واليمن والعراق، تتأثر النساء بشكل غير متناسب بالعنف القائم على النوع الاجتماعي في بيئات الصراع. كشف تقرير صادر عن لجنة الإنقاذ الدولية في عام 2020 أن واحدة من كل خمس نساء في مخيمات اللاجئين في المنطقة تعرضت للعنف الجنسي.

التحديات التي تواجه معالجة العنف القائم على النوع الاجتماعي في الدول العربية
هناك العديد من التحديات التي تؤدي إلى تفاقم العنف ضد المرأة في العالم العربي، بما في ذلك:

– الأعراف الاجتماعية والوصمة: غالبًا ما تبرر الأعراف التقليدية والأبوية العنف ضد المرأة أو تجعله أمرًا طبيعيًا. تخشى العديد من الناجيات النبذ ​​الاجتماعي أو جلب العار لأسرهن إذا تحدثن.

– الافتقار إلى الحماية القانونية: في حين قطعت بعض الدول العربية خطوات واسعة في إدخال قوانين ضد العنف المنزلي، تفتقر دول أخرى إلى الأطر القانونية الكافية. على سبيل المثال، لا يتم تجريم الاغتصاب الزوجي في العديد من دول المنطقة.

– ضعف إنفاذ القوانين: في البلدان التي توجد فيها قوانين مناهضة للعنف، يظل إنفاذ القوانين تحديًا كبيرًا. غالبًا ما تواجه الناجيات حواجز في الوصول إلى العدالة، بما في ذلك الافتقار إلى الوعي والعقبات البيروقراطية والأنظمة الفاسدة.

– الصراع والنزوح: تتعرض النساء في المناطق التي مزقتها الحرب، مثل سوريا واليمن، لخطر متزايد من العنف الجنسي والاتجار والاستغلال، مع محدودية الوصول إلى الموارد أو الحماية.

دور حملة الـ 16 يومًا في الدول العربية:
تعمل حملة الـ 16 يومًا كمنصة أساسية لرفع مستوى الوعي وتعبئة المجتمعات والضغط على الحكومات لمعالجة العنف القائم على النوع الاجتماعي. وفي الدول العربية، تتخذ الحملة أشكالاً مختلفة، بما في ذلك:

– برامج التواصل المجتمعي: تدير المنظمات الشعبية والمنظمات غير الحكومية ورش عمل وفعاليات عامة وحملات على وسائل التواصل الاجتماعي لتثقيف المجتمعات حول أهمية مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي ودعم الناجين.

– المناصرة القانونية: يستفيد الناشطون من الحملة للدفع نحو الإصلاحات القانونية، مثل تجريم العنف المنزلي وحماية حقوق الناجين. وتشمل النجاحات الأخيرة قانون لبنان لعام 2014 لحماية المرأة وأفراد الأسرة من العنف المنزلي.

– إشراك الرجال والفتيان: تكتسب البرامج التي تهدف إلى تغيير تصورات الرجولة وتعزيز المساواة بين الجنسين زخمًا. على سبيل المثال، تشرك الحملات في الأردن والمغرب القادة الذكور في الدعوة ضد العنف.

– التوعية من خلال الفن والإعلام: يتناول الفنانون والمخرجون العرب بشكل متزايد العنف القائم على النوع الاجتماعي في أعمالهم، باستخدام القصص لإثارة الحوار وتحدي الأعراف الضارة.

قصص النجاح والتقدم:
في حين تستمر التحديات، كانت هناك إنجازات ملحوظة في البلدان العربية:

– تونس: في عام 2017، أقرت تونس أحد أكثر القوانين شمولاً في المنطقة بشأن العنف ضد المرأة، والذي يغطي الوقاية والحماية والملاحقة القضائية.

– الأردن: في عام 2017، ألغى الأردن المادة 308، التي سمحت للمغتصبين بالإفلات من العقاب إذا تزوجوا من ضحاياهم.

– لبنان: في عام 2020، ألغى لبنان قانونًا يخفف العقوبات على جرائم الشرف، مما أرسل رسالة قوية ضد مثل هذه الممارسات.

– المغرب: قدمت الحكومة استراتيجيات وطنية لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك الخطوط الساخنة والملاجئ للناجيات.

 

الطريق إلى الأمام: إنهاء العنف ضد المرأة في الدول العربية
لتحقيق تقدم ملموس، فإن الخطوات التالية حاسمة:

تعزيز الأطر القانونية: يجب على الدول العربية ضمان قوانين شاملة لحماية المرأة من جميع أشكال العنف، بما في ذلك الاغتصاب الزوجي والتحرش الجنسي.

التعليم والتوعية: تغيير العقليات أمر أساسي. يجب أن تستهدف الحملات التعليمية الرجال والنساء على حد سواء، وكسر حلقة العنف الطبيعي.

خدمات الدعم للناجين: يجب على الحكومات والمنظمات غير الحكومية الاستثمار في الملاجئ والاستشارة والمساعدة القانونية للناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

مكافحة الأسباب الجذرية: إن معالجة عدم المساواة بين الجنسين والفقر والافتقار إلى التعليم من شأنه أن يقطع شوطًا طويلاً في الحد من العنف ضد المرأة.

التعاون الدولي: يمكن للشراكات مع المنظمات الدولية أن توفر الدعم الفني والتمويل والرؤية العالمية لهذه القضية.

إن حملة الـ 16 يومًا ضد العنف هي فرصة حاسمة للدول العربية للتفكير في القضية الملحة المتمثلة في العنف القائم على النوع الاجتماعي واتخاذ إجراءات ذات مغزى. إن العنف ضد المرأة ليس مجرد قضية نسائية، بل هو قضية حقوق إنسان تؤثر على مجتمعات بأكملها. ومن خلال تعزيز الحوار وتنفيذ القوانين الفعالة وتحدي الأعراف الضارة، يمكن للدول العربية أن تقترب من مستقبل تعيش فيه النساء والفتيات خاليات من العنف والخوف.

لقد حان الوقت للتغيير. فلنجعل الأيام الستة عشر حافزًا لـ 365 يومًا من العمل. معًا، يمكننا بناء عالم أكثر أمانًا ومساواة للجميع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى